السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
كل عام وانتم بخير
رمضان كريم عليكم
قصه مدفع رمضان
قبيل الإذاعة والتلفاز والجرائد. وقبل ولادة جل وسائل الإعلام المختلفة المرئي منها والمسموع والمقروء. كان المدفع من أهم الوسائل الإعلامية في بعض من الدول العربية والإسلامية للإعلان عن موعد الإمساك والإفطار في رمضان.
بعد غروب الشمس وقبل الإفطار «اضرب المدفع.. اضرب»! مع هذه الكلمات اعتاد المسلمون ولأكثر من 560 عاما سماعها قبيل إفطارهم وإمساكهم عن تناول السحور في كل يوم من أيام شهر رمضان، لتضرب المدافع منذ إعلان ثبوت رؤية هلال شهر رمضان 21 طلقة تبشيرا وإجلالا، وسبع طلقات إشعارا بموعد الإفطار، وعند الإمساك بعد السحور تسمع طلقة واحدة، كما أن للعيد كذلك سبع طلقات وفي بعض الدول العربية الأخرى 21 طلقة طوال أيام العيد الثلاثة.
من جهة أخرى بدأت تظهر في عدد من الدول والجمهوريات الإسلامية والتي خضعت للحكم الشيوعي ردحا من الزمان كيوغوسلافيا وروسيا وألبانيا مظاهر أخرى لتنبيه الصائمين ببدء الإفطار غير الأذان عقب منعه هناك، وذلك عن طريق دقات الطبول.
ومدفع رمضان عبارة عن دولابين كدواليب العربات. والقذيفة العائدة له عبارة عن حشوة قماش من الكتان، معبأة بالبارود ومتصلة بكبسولة يضعها الجندي في المدفع ويطلقها بواسطة حبل رفيع.
وعقب تضرر وتأثر المنازل المجاورة بعد ذلك جراء استخدام الذخيرة الحية تم استبدالها بأخرى غير حقيقية.
تعد صيانة المدفع من الوظائف الأساسية للقائمين على هذا العمل وتبدأ بعد الإطلاق مباشرة عن طريق وضع قضيب في نهايته قطعة من القماش مبتلة بزيت السلاح لتنظيفه من أثر الطلقة ثم تقفل حجرة الاحتراق بعد تنظيفها لمنع دخول الأتربة أوالحشرات وتتم عمليات الصيانة بنفس الطريقة على فترات دورية خلال العام للمدافع المختلفة.
وبدأ استخدام أو إطلاق مدفع رمضان للمرة الأولى قبل خمسة قرون في عهد المماليك ممن حكموا مصر وغيرها من البلدان المجاورة، فمع غروب شمس أول أيام شهر رمضان من عام 865 هـ، رغب السلطان المملوكي «خوش قدم» تجريب مدفع كان قد تلقاه كهدية من صاحب مصنع ألماني.
وتصادف ذلك الوقت مع غروب الشمس، وكان سرور الناس عظيما بذلك، فقد ظنوا تعمد السلطان إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين بدخول وقت الإفطار، لتخرج عقب الإفطار جموع من أهالي القاهرة إلى بيت القاضي الذي كان مقرا للحكم آنذاك، لشكر السلطان على هذه السنة الحسنة التي استحدثها رغم انه لم يكن يقصدها، لكنه ما أن رأى سرور الناس بها قرر المضي بإطلاق المدفع كل يوم إيذانا بالإفطار. كما زاد على ذلك مدفع السحور ثم الإمساك.
ومنذ ذلك الحين وعادة إطلاق المدفع في رمضان باقية إلى يومنا هذا، ولتصبح أحد رموز الشهر الكريم. واحد التقاليد العريقة في كثير من الأصقاع العربية والإسلامية. وبالأخص عقب أن استأثر صوته الشجي وأطرب أسماع الصائمين لروحانيته العظيمة.
ولطالما سمع الناس في الماضي صوت المدفع من على مسافات بعيدة، للهدوء التام الذي كان يعم المكان والموطن حيث لا ضجيج لأجهزة التكييف ولا لحركة السيارات أو مرور الطائرات.
وبقيت مكة المكرمة والمدينة المنورة أكثر المدن السعودية التي شهدت سماؤها طلقات القذائف الرمضانية، حيث وضعت من أعوام عديدة. خطة لتدريب الأفراد القائمين على ضرب مدفع رمضان قبل بداية الشهر حيث يتم إعداد 29 فردا من وحدة المناسبات للقيام بهذا العمل طيلة أيام الشهر الكريم، وقبيل الاقتصار على مدفعين بجوار الحرم المكي وتحت إشراف الحكومة. اعتاد سكان البقاع المقدسة سماع قذائف طلقات المدافع الرمضانية من عدة مواقع مثل أعالي الجبل الهندي والقشلة والمسفلة والفلق وغيرها.
هكذا استمر صوت المدفع كعنصر أساسي في حياة الناس الرمضانية وحتى ظهور المذياع، ليتوقف إطلاقه من القلعة. ويذاع تسجيله الصوتي يوميا عبر أثير الإذاعة والتلفاز إلى أن قرر المسؤولون بث عملية الإطلاق لمدفع رمضان طوال الشهر الكريم في السحور والإفطار على الهواء مباشرة.
وقبل إحالة المدفع الرمضاني إلى التقاعد. أحكم أسره داخل نفوس الصائمين، ليذهب البعض منهم إلى مكان المدفع قبيل الغروب للاستمتاع بصوته وحركته عندما يقذف ما في جعبته من بارود وملح ونار. هكذا ومهما تغير وتطور الزمان سيظل للمدفع خصوصيته وروحانيته في نفوس عاشقيه من الصائمين.
وكل عام والجميع بخير